الرسالة رقم ( ٧  ) الإصدار الثالث: (فلتسقط فرسنا) (فليسقط واحد من فوق)

نيسان ـ (من ذاكرتي بلا رتوش)
(كيف سارت اول مظاهرة في مادبا)
قبل سبعين عامابالتمام والكمال سارت اول مظاهرة في مادبا اي في العام (١٩٥٦) وكان هذا العام مفصلي في تاريخ الاردن وفي ذاكرة جماهيريه ففي اول العام طرد المرحوم الملك حسين الفريق جلوب بعد قضائه ٢٦ عاما والذي كان
المهيمن على الجيش العربي والمتحكم بمفاصل الدولة
وفي منتصفه شكلت اول حكومة نيابية برئاسة سليمان النابلسي والذي فاز حزبه ولم يفز هو وفي نهايته في الشهر الحادي عشر وقع العدوان الثلاثي على مصر
كل هذه الأحداث الأجسام وقعت في عام واحد وكان اليسار الشيوعي يهيمن على الشارع وكانت الجماهير تتلقف كل هذه الأحداث وتتفاعل معها بتهور احيانا وصدق مشاعراحيانا اخرى ورغبة في التغيير.
يشحذ الهمم اعلام مصري وناصري وجماهير خارجة من نكبة فلسطين واذاعة صوت العرب واحمد سعيد وغيره
كل هذا تجده يتجسد في شوارع عمان العاصمة
فما حال مدينة مادبا التي كان يقال عنها موسكو الاردن
لكثرة الشيوعيين فيها والقومين .
اذكر ان اول مظاهرة سارت في مادبا في الشهر الحادي عشر عام ١٩٥٦ على اثر العدوان الثلاثي نظمها الشيوعيون والقوميون وقاطعها الاخوان المسلمون لأسباب كثيرة .
كنت في حينها في الصف الأول ونحن الصغار معتادون على المسير في زفات العرس وحمام العريس فمنظر هذه المظاهرة غير مفهوم لنا نحن الصغار ساروا وسرنا خلفهم مادبا صغيرة لاتتجاوز عشرة آلاف نسمه انطلقت بالقرب من جامع السوق باتجاه شارع السياحة الان أمام عيادة الدكتور مشيل المعايعه وقربه صيدليه للمرحوم عدنان الحدادين زوج المعلمة بهيجة حدادين معلمة الإنكليزي المشهورة في مادبا بالقرن الماضي.
فوق هذه الصيدليه بلكونه صعد اليها احد المتظاهرين وهو في قمة الحماس واخذ يهتف (فلتسقط فرسنا) يعني فرنسا ويبدو اختلطت عليه الألفاظ لكثرةالخيل في مادبا فكل بيت فيه فرس وكانت فرنسا من المشاركين بالعدوان.
هنا انقلبت المظاهرة من الجدية والحماس الى الضحك والقهقهة.
وفي هذا السياق يروي المرحوم الشهيد هزاع المجالي
رئيس وزراء الاردن في العام ١٩٦٠ يقول في مذكراته
انه شارك في مظاهرة في الكرك كان المتظاهرون يهتفون بحماس(فليسقط واحد من فوق) يعنون فليسقط وعد بلفور)
هكذا تتصرف الجماهير دون وعي عندما يكون منسوب الحماس والوطنية فوق منسوب الوعي والثقافة
هذه صورة واضاءة عن مرحلة لن تتكرر مضت بكل معطياتها وكثير منا يتوق الى تلك المرحلة ويتمناها
رغمسطحيتهاوصدقها.